الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

كوبنهاغن وآمال قد تبقى معلقة

كوبنهاغن 15 ديسمبر 2009:
للمرة الثانية (في برشولونة وأمس في كوبنهاغن) تقوم المجموعة الإفريقية بالاعتكاف عن المفاوضات احتجاجا. وأتت هذه الخطوة عندما شعر الأفارقة أن تبويب الرئاسة الدانمركية للعناوين في جدول الأعمال، حيث تم تقديم البحث في مسار عمل التعاون طويل المدى Long-terme Cooperation Action LCA على حساب البحث في مسار كيوتو برتوكول KP مما يخفي مخاطر تحيط به وتمهد لإلغائه. ومن المعروف أن المجموعة الإفريقية ومجموعة ال77 التي تضم معظم البلدان النامية تتمسك بقوة ببروتوكول كيوتو في حين ان الأوروبيين والدول المتقدمة الصناعية عموما تميل إلى إلغائه.
- توقفت المفاوضات في هذه المجموعة إثر الاحتجاج الإفريقي، واستمر حتى المساء، حيث عاود الانعقاد بعد أن تم تكليف كل من أندونيسيا وألمانيا لدعم الرئاسة في تنشيط الاستشارات تأكيدا للشفافية.
- الجزائر لمرة إضافية تكرر مطالبتها باعتماد الشفافية في المفاوضات، وهذا ما يشير بوضوح إلى أن لديها شكوك بأن شيئا ما يتم تحضيره بين الدول الكبرى ومن وراء الدول الأخرى.
- ليس هناك من تطور في موضوع المفاوضات حول الأرقام، ولا يزال الخلاف قائما حول الأولوية بين الدول المتقدمة والدول الناميةز
- وصول كثيف للوزراء، وغدا الرؤساء لإنجاز حصيلة كوبنهاغن، التي لا تزال حتى هذه اللحظة غير واضحة المعالم، وتتخوف منظمات المجتمع المدني غير الحكومية من طبخة مغشوشة ظاهرها أخضر وباطنها فارغ.
- من المفترض أن يتم مساء اليوم إنجاز الورقة التفاوضية حول كيوتو بروتوكول، حيث تنتهي ولاية مجموعة الاتصال التي عملت عليها منذ بالي حتى اليوم. تقدم هذه الوقة التفاوضية للوزراء والرؤساء كي يناقشوها ويقروها بعد التوافق عليها. وغدا مساء يتم تسليم الورقة التفاوضية حول العمل التعاوني طويل المدى. ويشكل هذان المساران المحور الرئيسي لأعمال المؤتمر تتويجا لكل حلقات التفاوض التي عقدت منذ بالي وحتى اليوم.

عند طرف الثوب.. ثمة كائن يختنق


هناك... منزويا بعيدا عن العيون، اعتاد دائما أن يكون. يتخذ لنفسه مكانا واحدا إن رافق والدته. قد يلتصق بها، يختبئ وراءها، يسترق النظرات إلى كائنات بشرية يفوق عددها الخمس أو الست. مشهد لم يعتد مواكبته إلا من بعيد، وقد ألف منذ سنين وجوها لا يكاد يأنس إلا بها.
وحيدا مع أمه المنغمسة في حوارٍ نسائي لا يعنيه، يتلهّى بجلبابها.. يأخذ طرفا منه، يلفّه على إبهامه، يحمرّ إصبعه الصغير.. قد يؤلمه الدم المحصور في لامبالاة منهن.. يواصل لفّه في شرودٍ عجيبٍ.. يؤلمه، يحوّل وجهة قطعة قماش الجلباب.. يضعها في فمه.. يمتصها ويمتص معها خجله، وقد يلعن الظرف الاضطراري الذي يحبس الأنفاس مِزقًا في داخله.
يتأفف خلسة، فجهرا. وقد يتساءل ما الذي جمعه مع أناس لا هم ّ لهم سوى أن يحرقوا جسدا ينمو بنظرات لم يعطِ نفسه الفرصةَ ليفهمَ معناها.
من جديدٍ، يجد نفسَه مجبرا على البقاء في مكانٍ لا يعنيه.
في لامبالاة بابنها، تعيش الأم لحظات أنس مع رفقة قد اختارتها منذ سنين، دون أن تدرك أو لعلها تدرك بفعل التعوّد أن حضور كل تلك الأعين يربك نظام تراتبية الأشخاص عند ابن الرابعة.
يفرّ خجلا من ذاته إلى جلباب أسود يدفن معه حرجه. إن رميت بصرك صوبه، يتصاعد ارتباكه.. يتأزم الموقف عنده أكثر إن لوحّت له من بعيد مرحبا أو مبتسما، ليبلغ التأزم ذروته إن وجهت إليه الخطاب.
دموع سجينة تقتنص المخرج للنزول على وجه احمر حدّ الرمان خجلا وارتباكا، وقد اكتنزها منذ بداية اللقاء واستعصى عليه أن يحتفظ بها أكثر داخل مقلتين أحرقهما لهيب الخجل والتذبذب.
لا يكاد يبتلع لعابه، يشرقه، فتتوالى السعلات وقد كانت في احتباس دفين، و...بسابق إنذار تنزل دمعاته مدرارا في صمت محيّر يُخجل والدته ويربك الحضور حوله.
وابل من الأسئلة يهطل عليه استفسارا دون أن يجد لها إجابة، أو ربما في استحياء طفولي يجد لها بدل الإجابة مائة، فيقتلها في أعماقه، ويطلب المغادرة.. قرار ليس بعده رجعة.
ينتهي لقاء الأحبة وقد عكر الصبي "الشيطان" صفوه، ليتوه محمد بين حرجه وسخط أمه. يختلط شهيقه مع صراخها، ويبقى وحيدا في غرفته - تأديبا- دون موعد اختلاط مرتقب.